الأربعاء، 4 ديسمبر 2013

نحو صعود المتــطرفين

المتطرف أو المتعصب يوصف بالانكليزية بـnarrow-minded أي ذي الأفق الضيق .
ماذا يفعل المذكور آنفا إن تولى زمام أمر ما؟ أول شيء يريد أن يثبت أن أجدر من تولى الأمر وبأي وسيلة ,سيطعن بكفاءة الآخرين وبأسلوبهم وكذلك بشخصهم كي يثبت أن الصواب حكر عليه وعلى من شاكله , هم يطعنون أصلا بمبدأ الكفاءة والتأهيل , عندهم الأسبقية فقط بالتزكية أو السبق بالدخول في الجماعة أو الولاء لها وهذا يسمى طبعا وبكل بساطة محسوبية,بغض النظر عن الإخلاص جميعهم يجتزئ أفكارا معينة ويضع ميزان أموره كلها وفقها ربما كانت آية ..تفسير آية ..حديث نبوي قول مأثور لرجل من السلف الصالح .
من يرى الامور من منظار ضيق يتلقف أي نص ديني يسمح له  بمقتضاه تحصيل أكبر المكاسب وبأقل الجهود التكاليف ..من اعتقد كذا أو وقف من أمر موقف كذا كان هو هو فقط على الصواب "فكرة الفرقة الناجية" مع أن الأعرابي كان يقول أرأيت إن صليت المكتوبة وحللت الحلال...الحديث لآخره... لا أزيد على ذلك شيئا , وفي هذا مشوار طويل من ناحية مادية بحتة أو بمنظور هؤلاء الذين يريدون الجنة حكرا لهم  على مبدأ" اللهم ارحمني وارحم محمدا ولا ترحم معنا أحدا" .
لن أتحدث عن الشيعة فقد ثبت أن لهم  دينا آخر صار يعرفه الأميون. لكن حديثنا عن ذوي الأفق الضيق من بيننا الذين يتركون المبدأ بالعموم و"يحاربون" حول تفاصيل وجزئيات و مواقف و أشخاص ورموز .
ما بين طرق الصوفية التي يقتنع أغلب أتباعها أن من قرأ ورد كذا في اليوم كذا مرة أو من أحب فلانا أو نوى بكذا يكون في موقع كذا في الجنة , وكثيرا ما تكون معاملاتهم الشخصية والمالية أو أخلاقهم لا تمت بصلة لأخلاق أصحاب الجنة ...إلى السلفية الذين يرون رأس الدين الزجر والتعنيف باسم الأمر بال معروف والنهي عن المنكر, و أخذ المواقف الحادة بشأن العقيدة بحجة من لم يكفر كافرا فقد كفر , أو البحث في الأحاديث وتمحيصها والاستدلال بها دون الاعتماد على رأي الأسبقين بحجة  أن تقليد الأئمة من البدع .   أغلب هؤلاء يرون أن الطريق لمعرفة الله ودخول جنته ليست كما يعرفها بقية الناس و"يتعبون أنفسهم" باتباعها من كثير صلاة وصدقة وتواضع وحسن خلق وصدق تعامل هم لا يقوون عليه"أي المتطرفون" ولا يقتنعون بنتائجه "الطويلة الأمد والقليلة المردود" هم يريدون أن يقضوا  الحياة على هواهم ثم يأتيهم عمل قصير الأجل كبير المردود يحققون ما يسعى له الآخرون في حيواتهم الطويلة على مبدأ "الـخبطة الواحدة" أو العرض الخاص المجزئ جدا جدا في الامتيازات الدينية طبعا.
من هذا القبيل على الصعيد الاجتماعي تكفير الكافر وتغيير المنكر وما نلحظه جراءه من تطرف وعلاقات اجتماعية متوترة مع أن السلف فصلوا في التكفير وحذروا منه أكثر مما حضوا عليه, أما تغيير المنكر فا لإسلام دين السماحة والأدب واللطف وقد أمر قرآنه بعدم التعرض لأوثان غير المؤمنين فكيف بإيذاء المؤمنين بحجة النصيحة؟.لكن الأسوأ من ذلك على الصعيد الجهادي فمنهم من  همه لا الجهاد لنشر الدعوة أو حماية أصحابها بحسب فلسفة الجهاد ذاته بل يبحث عن كافر يقتله كي يأخذ مقعده بالجنة ويعطيه مقعده في النار بحجة ان لابن آدم مقعد في الجنة وآخر في النار وهناك حديث من قتل كافرا أخذ مقعده في الجنة...رغم اني أزعم التعاطي في الثقافة الاسلامية منذ عقدين لم أقرأ إلا عمن قتل مؤمنا فباء بإثمه وصار من أصحاب النار. هناك فصيل منهم نشأ في مشهد بإيران يعمل بمنطق غريب عجيب, حديث, نبوءة , لا أدري ماهي؟! لكنها تشبه عقائد المهداوية او المخلصية والنصر الإعجازي.وهي حديث :"لا يهزم جيش فيه اثنا عشر ألفا مؤمنون عن قلة" يقول نقل لي عن قائد لهم أنهم يعملون على هذا الموضوع وأنهم متى كان أفرادهم 12000 و..و صح الحديث فسيحارب المذكور أمريكا !! ماذا لو لم يصح الحديث؟؟  12000مرتبط مصيرهم بعبارة قد لا تكون حديثا أصلا!! وكيف سيحاربون وأين وماذا عن مسألة "وأعدوا"؟ وماذا عن العلوم العسكرية في غزوات النبي والفتوحات وعبقرية خالد بن الوليد وشجاعة أبي عبيدة ودهاء عمرو بن العاص...؟؟ ..لو صح هذا الحديث الذي تقوم فلسفة كثير من الجهاديين السوريين عليه صحيحا لما اختار رسول الله قوادا عسكريين , و لأرسل أبو بكر  ابن أم مكتوم بدل خالد لقمع الردة أو قتال الفرس مع العدد المطلوب ,فضلا أن الرقم انثا عشر لا يمت لأدبيات الإسلام السني بصلة إنه رقم يخص اليهود والشيعة.
لكن هؤلاء هم المطلوبون كي يضفوا طابعهم على الثورة السورية المراد لها من قبل الغرب أن تعكس رياح التغيير التي جاء بها الربيع العربي في مواجهة جمع حشد الجهة المقابلة من الناس الذين تختلط معهم المثولوجيا بالتفسيرات الغريبة والمغلوطة للقرآن مع كم متراكم من أساطير الشعوب القديمة وضعت كلها في خدمة مشروع هيمنة قديم على المنطقة ويراد له الاستمرار بأي ثمن .
الفكر الفاسد في مواجهة الفكر السليم سرعان ما يندحر وتنهار المشاريع المرتبطة به لكن عندما تُعمِل تخريب الفكر السليم فسيصبح الموضوع أسهل. عندها يصبح نقيضا الصراع متطرفين ضيقي الأفق يتناحران على جزئيات دون المبدأ فالصراع سيطول ويطول... وكلما انتهت جزئية تم استحداث أخرى..هذا ما يتم العمل عليه وهو يوشك أن يتم.    

أنس الشبك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق